جاري التحميل الآن

“مشارطة التحكيم”.. بدعة تخالف قانون العمل والدستور وتغل يد المحاكم العمالية.

كتب – عمرو كمال:-

تحت وطأة الحاجة للعمل، يضطر العامل للإذعان، لأي شروط يضعها صاحب العمل، للحصول علي فرصة عمل مناسبة، وبعد مرور سنون طويلة من الالتحاق بالوظيفة، بمجرد حدوث خلاف بين الطرفين، يصطدم العامل ببدعة ابتدعها أصحاب العمل، للهروب من الالتزامات القانونية، التي وضعتها الدولة المصرية وكفلها الدستور لحماية العامل، بوجد “شرط تحكيم”، وهو بند يقضي بأن أي خلاف بين العامل أو صاحب العمل، أو خلاف لتفسير عقد العمل، اللجوء للتحكيم الدولي في الخارج.
الغريب في الأمر أن بعض الشركات، تشترط في عقد العمل، أن يجري التحكيم في خارج مصر، في أحد المراكز المعتمدة في بعض الدول، مثل مركز جنيف للتحكم في سويسرا، أو مركز دبي أو لندن، وغيرها من مراكز التحكيم، الموجودة بكل دول العالم، هذا بالرغم من وجود مراكز تحكيم معتمدة دوليًا، موجودة داخل مصر.

 

الخبير القانوني ” أحمد متولي”: بدعة تخالف قانون العمل وتضيع حقوق العمال

قال الاستاذ أحمد متولي المحامي الخبير القانوني الدولي، أنه بحكم عمله في القضايا العمالية، تلاحظ له بدعة جديدة، وضعتها بعض الشركات، هو وجود شرط تحكيم طبقا لقانون التحكيم فى المواد المدنية والتجارية رقم 27 لسنة 1994، مشيرًا إلي أن المشرع المصري، وضع ضوابط للتحكيم في قانون العمل المصري.

اشترطات التحكيم في قانون العمال المصري

وأضاف “متولي” أن هناك ضوابط للتحكيم وضعها قانون العمل المصري، في نصر المادة 180، والتي اشترطت أن يكون طلب التحكيم المقدم من صاحب العمل موقعًا منه أو من وكيله المفوض، فإذا كان الطلب من العمال وجب تقديمه من رئيس المحكمة العمالية النقابية – إن وجدت – أو من النقابة العامة المختصة، وذلك كله بعد موافقة مجلس إدارة النقابة العامة. وتتولى الجهة الإدارية المختصة إحالة ملف النزاع إلى هيئة التحكيم، وذلك خلال يومين من تاريخ تقديم الطلب.

وأوضح أن هذه الضوابط التي وضعها قانون العمل المصري، لضمان حقوق عمال مصر، تتهرب منها الشركات الدولية التي تعمل بمصر، بوضع مشارطة التحكيم، في عقد العمل، وتحت وطأة الحاجة لفرصة العمل، يوقع العامل المصري، علي هذا العقد، والذي يعتبر عقد إذعان، وبعد مرور سنوات من العمل، يكتشف العامل أنه بلا حقوق.

وأكد الخبير القانوني، أن وجود مشارطة التحكيم في عقود العمل، تعد محاولة لإفراغ قانون العمل المصري من مضمونه، وهو ما يؤثر سلبًا علي الاقتصاد المصري، الذي يعتبر فيه العامل ركيزة أساسية للتقدم، ففي نص المادة 13 من قانون التحكيم، قضت يجب على المحكمة التي يرفع إليها نزاع يوجد بشأنه اتفاق تحكيم أن تحكم بعدم قبول الدعوى إذا دفع المدعى عليه بذلك قبل إبدائه أي طلب أو دفاع في الدعوى.
وأشار إلي أنها مادة في غاية الخطورة، لأنها أفرغت قانون العمل المصري من مضمونه، غلت يد دوائر العمال عن نظر القضايا، التي يوجد بها “شرط تحكيم”.

الاستاذ أحمد عيد: تخالف الدستور وتفرغ قانون العمل من مضمونه 

وقال الأستاذ محمد عيد نجم المحامي بالاستئناف، أنه بحكم عمله كمحام، صادف العديد من هذه القضايا، وهو ما يدق ناقوس الخطر، بتفريغ قانون العمل المصري من مضمونه، وتخالف ما جاء في الدستور المصري، بالمادة 13 والتي جاء فيها، التزام الدولة بالحفاظ علي حقوق العمال، وتعمل على بناء علاقات عمل متوازنة بين طرفي العملية الإنتاجية، مؤكدًا أن وجود “مشارطة تحكيم” في عقود العمل، تضيع حقوق عمال مصر، لاسيما أن بعض الشركات تضع هذا الشرط، لعلمها يقينا عدم قدرة العامل البسيط، علي تكلف مصاريف التقاضي الدولي أمام المحاكم المصرية.

وطالب “عيد” بالتصدي لهذه الظاهرة المستحدثة علي عقود العمل، والتلاعب بنصوص القانون ومخالفة الدستور، واستغلال حالة من حالات الفراغ التشريعي الصريح في تلك المسألة، وهو ما يضر بحقوق العمال باعتبارهم الطرف الأضعف في المعادلة، مؤكدا أن هذه الألاعيب هدفها أفراغ قانون العمل من مضمونة الذي شرع من اجله، وغل يد المحاكم العمالية عن نظر الدعاوى العمالية واقتصار دورها على صدور الأحكام بعدم القبول لوجود شرط التحكيم.

إرسال التعليق